الإعتقال التعسفي بين مصر وسوريا

حديث مع رزان غزاوي وماهينور المصري

نشارككم أول حلقة من سلسلة بودكاست [الحلقة_الأولى] من إنتاج مجلّة كحل٬ فيما ننتظر تلقي أخبار عن علاء عبد الفتّاح بعد قراره بتصعيد إضرابه عن الطعام قبيل افتتاح مؤتمر المناخ (COP27).

في هذه الحلقة٬ تحدّثنا مع المحامية والناشطة المصرية ماهينور المصري والباحثة والناشطة السورية رزان غزاوي عن التاريخ الطويل والمظلم للمعتقلات والسجون في مصر وسوريا٬ محاولات تقديم سردية بديلة عن المعتقلين وأشكال التضامن واحتماليّات العدالة.

كتبت ماهينور منذ يومين: "علاء بيحارب بجسمه بس كل سرديات السلطة المليانة بالظلم و التشويه لبشر تهمتهم الاساسية حلم ببكرة احسن. علاء بيحارب بجسمه لنفسه ولالاف غيره جوة السجون.. بيحارب للنجاة و الأمل."

الحريّة لـ علاء وجميع المعتقلين/ات.

بالتعاون مع مؤسسة هاينريش بُل، مكتب الشرق الأوسط، بيروت

زهور: مرحبا جميعاً، اليوم ببودكاست "الحلقة الأولى" رح نستضيف المحامية والناشطة ماهينور المصري والناشطة والباحثة السورية الفلسطينية رزان غزاوي، حديثنا رح يكون عن الإعتقال التعسّفي والإخفاء القسري بمصر وسوريا. ورح نحاول نعطي مقاربات نقدية وتحليلية أكتر عن منظومة السجون بهالبلدين ونشوف السياقات التاريخية يلي وصّلتنا لليوم بمئات الآلاف من المعتقلين والمعتقلات المخفيين والمخفيات قسرياً. بنفس الوقت، بدنا نحاول نتخيّل سبُل مختلفة للتضامن والتنظيم حول المعتقلين، خاصةً الخارجين عن السردية السائدة والمنتمين لفئات مهمشة.

ما منقدر نحكي عن المعتقلات والسجون بمصر وسوريا اليوم من غير ما نتطرّق لتاريخ الإعتقال السياسي بهالبلدين على مدى التاريخ الحديث، من إعتقالات وإخفاءات قسرية للإسلاميين لملاحقة واعتقال الشيوعيين واليساريين وكتير شرائح واسعة من المجتمع إن كان بحكم الأسد أو عبد الناصر أو حسني مبارك… وشغلكن رزان وماهينور وتجاربكن مع الإعتقال السياسي بتعود لقبل 2011. رزان إنتِ تمّ اعتقالك بـ2011 ببداية الثورة السورية وماهينور اعتُقلتي عدّة مرات كانت آخرها بـ2019، ممكن نحكي شوي عن هالفترة بسوريا ومصر، ماهينور ممكن نبدأ معك.

ماهينور: هوَّ صعب الواحد يتكلّم عن فكرة السجون بمصر، لأن حتى على المستوى التاريخي إحنا عندنا جملة عن السجن منقولها كمصريين إنّه "مصر دخّلت النبي يوسف السجن". عندنا السجن هوَّ جزء أساسي من فكرة الدولة لأن بداية الحضارة المصرية وهي مؤسسة حولين الحاكم الفرد الإله بشكل وتنويعات مختلفة وتمّ تطويرها مع تحوّل شكل الدولة سواء تحت الاحتلال أو حتى بعد الإستقلال، إحنا عندنا بمصر السجون بتعود لـ1800، دلوقت بيفضّوا منها المساجين وبينقلوهم كجزء من عملية بيعها وخصخصتها كجزء من الخصخصة اللي بتحصل في مصر عامّةً وبيع كل شيء.

ولكن السجون في مصر هي مرحلة تقريباً لكلّ المجموعات والتيارات بما فيهم رؤساء الجمهورية نفسهم من السادات اللي دخل السجن لمرسي اللي مات في السجن. إحنا السجن من ما قبل يناير 2011 وهوَّ حاضر في الحياة السياسية المصرية بقوّة. المنطقة العربية كلّها بتمرّ تقريباً بنفس التحوّلات بأوقات متقاربة وفي مصر مع بداية 2005 بالذات وبداية حركة "كفاية" ونشاط حركة المدوّنيين اللي كان واسع وكبير، دايماً كان في تخيّل أنه في شكل معين للمعتقل السياسي في الوقت ده وباب المعتقل السياسي هيفتحلنا بعد كده فكرة السجون كأداة بإيد الدولة لإخضاع المواطن سواء كان في توجه سياسي أو مواطن كلّ همّه في الحياة أكل العيش وما بيعملش توجّه سياسي. فا فكرة القبض كانت بوقت مقصورة على التيار الإسلامي وكان فيه طول الوقت المعضلة في اليسار الخاصة بفكرة كيفية التضامن، هل إنت بتضامن مع شخص فهل ده معناه تتضامن مع الشخص في موقف إنت متماهي تماماً مع أفكاره؟ وهنا ظهر عدد كبير من المجموعات الحقوقية اللي حوّلت جملة، لأن عندنا كان في أشهَر جملة لليسار كانت لرفعت السعيد وهوَّ كان رئيس حزب "التجمّع" وكان في مرحلة قالها بوضوح إنه "ضد الإسلامين دائماً ومع الدولة أحياناً"، ومجموعة من اليسار قلَبت الكلمة وقالت إنّه "ضد الدولة دائماً مع الإسلامين أحياناً في حالات الإعتقال". مبارك لما جا الحكم أول 81، أوّل حاجة عملها قرر يفتح السجون ويطلّع مجوعات من المعتقلين السياسيين كإشارة أنه دي بداية لمرحلة جديدة فيها انفتاح، لكن فضل في عدد من المعتقلين السياسيين كانوا معتقلين خارج القانون وبدون أي محاكمات وأوقات مفتوحة بيقعدوا بعشرات السنين وانتهى في 2010-2011 اعتقال مجموعة كبيرة من المواطنين رافضين لسياسة مبارك سواء كانوا عمّال في إضرابات عمّالية أو فلاحين كان بيتمّ أخد أراضيهم أو مجموعات من الشباب في تظاهرات من تيارات مختلفة.

 

زهور: رح نحكي عن موضوع التضامن مع المعتقلين بشكل تفصيلي أكتر خلال حديثنا بس بما إنّه بعدنا قبل 2011 حابة اسأل عن هديك الفترة من ناحية تضامن شرائح مختلفة من المجتمع مع المعتقلين الإسلامين خاصة، هل هاد الشي كان ملموس وشو الشكل يلي كان بياخده؟

 

ماهينور: بتذكّر كنت طالبة بالجامعة وفي مجموعة يسارية، كنّا عاملين معرض للتضامن مع كل من أيمن نور اللي هوَّ شخص ليبرالي وخيرت الشاطر هوَّ من الإخوان المسلمين، مختلفين معاه سياسياً لأنه كان بيتعرّض لمحاكمة عسكرية وحصل نقاش واسع حولين فكرة التضامن المشروط انتقائي جداً وخاص بفكرة أنه تتضامن مع مَن هو يمثّلك تماماً وده معناه ببساطة أنه محدّش حيتضامن مع حدّ والناس حتفضل جزر منعزلة وده اللي الدولة طول الوقت بتحاول تصدّره كفكرة إنّه العقاب بيطول ناس برّا تيّارك. لكن مع الوقت أظهر الموضوع أنه الموافقة على ظلم الشخص أو القيام بحبسه هوَّ إعطاء الضوء الأخضر للدولة للقيام بحبسك إنت كمان.

 

زهور: رزان ممكن تشاركينا شوي عن نشاطك قبل 2011؟

 

رزان: يمكن أوّل احتكاكي بفكرة الإعتقال التعسفي وبلّشت تدوين بـ2006 لمّا الاحتلال شنّ حرب على لبنان بالجنوب والضاحية وبـ2007 تمّ اعتقال المدوّن السوري طارق البياسي وهذا لأن كتب تعليق ضد السلطة وتمّ اعتقاله من بيته. وقتها اتعرّفت على رزان زيتونة وهي يللي علّمتني كيف إكتب بيان، وأول مرّة بكتب بيان كان تضامن مع طارق البياسي. بوقتها طارق كان محسوب على الإخوان الإسلاميين وكان في جدل حول المدوّنين السوريين بسوريا أنه هل بيتمّ التضامن مع شخص محسوب عالإخوان؟ وكان في هالجدل وهون بتجي أهمية رزان زيتونة وشغلها بهيديك المرحلة لأن كانت هي عم تشتغل بمبدأ حقوقي سواء كانت متّفقة مع الشخص أو لأ، رزان كانت محامية الكلّ بس رزان زيتونة بهيديك الفترة كان في شغل عن شغلها من عشرات السنين هي وغيرها من المحاميين بسوريا كانوا حقيقةً يشتغلوا شغل مخيف، يعني مين كان بيسترجي بهديك الفترة يشتغل يدافع عن المساجين ويروح عالمحاكم ويخاطر بحياته؟

بس رزان كتير كانت هي وغيرها ممنوعة من السفر وأحياناً تكون تحت الإقامة الجبرية فا كل هَي المخاطر كانت تشتغل فيها بالإضافة للشللية والتحزبية الموجودة بالمجتمع المثقّف والمعارض والنشاطي بحدّ ذاته وبكون في هَي الخلافات عن مين ندعم وما ندعم وهاد ممكن نحكي فيه بعدين. بس أنه النظام مستفيد من هي الثقافة الشللية التحزبية يللي موجودة بهديك الفترة يللي هي كانت يعني ما بدّي قول الأشخاص ما كانوا متضامنين بالمطلق ولكن كان في هَي الإشكالية يلي بقول عنها مستفيد منها النظام لأنه هي بتبرّر الإعتقال. لأنه لمّا بكون في تضامن مشروط مع مين هالشخص وخلفيته السياسية وعهالأساس أنا يكون عندي مشكلة مع كونه سجين أو معتقل، هاد بيودّي أنه فكرة السجن بحد ذاتها هي ممكنة وفكرة السجن ممكن تكون غير عنفية إذا كان هاد الشخص مختلف عنّي. ولهيك شغل رزان زيتونة هوي ما بس ثوري قبل 2011 إنما كمان يهدف لإلغاء السجون بحد ذاته والشي اللي بدي قوله قبل 2011 ومتعلّق بسوريا وشخصياً عم إحكي عن احتكاكي فيه هوي عن طريق التدوين وعن طريق إنّه النظام كان يستهدف الكلّ يعني شباب وأشخاص بالمدارس والجامعات ويللي ماشي بالطريق… ممكن حدا يكتب تقرير، يعني بيروح فيها. 

لذلك إشكالية وصف الإعتقال السياسي بسوريا برأيي إشكالية، بتعرفي ليه؟ لأنه هلق الواحد بينتفى من سوريا وبهاجر وبيطلع لاجئ بدّه يقدّم إنه أنا هيك صار معي وإنه أنا اعتُقلت بس ما بيقدر يقول هاد الحكي لأنه الوصف اليوم سواء كان بالمنظمات أو الجمعيات، الوصف عن سوريا بشكل عام هوي سياسي وعدا عن كونه سياسي هوي ما منفكر فيه كاعتقال.

 

زهور: من أول ما طلعت المظاهرات بسوريا كان الإخفاء القسري والتعذيب من أول الأدوات اللي لجألها النظام بسوريا بشكل شرس، لليوم في أكتر من 150 ألف معتقل عند النظام وهاد كتير رقم متواضع. ونفس الشي اللي عمله السيسي بعد مذبحة رابعة العدوية، اعتقالات بشكل غير مسبق وتعذيب وقتل وإعدامات بالآلاف، آخر عدد تقريبي سمعته هوي 65 ألف معتقل سياسي بمصر. وعدا عن الزيادة الهائلة بأعداد المعتقلين هل صار في تغيير بكيفية استخدام الأسد أو السيسي للسجون كأداة لمحاولة قمع الثورات؟

 

رزان: النظام الردّ تبعه كان واحد وهوي الإعتقال وهاد بيرجع لفكرة ماهينور عن موضوع الإعتقال، ليش الإعتقال جزء متأصّل من النظام والدولة لأن الردّ كان بالنسبة للنظام لمّا قبل الحراك ما بلّش سواء كان بنص الشام وقتها كان بالحميدية أو بدرعا كان في محاولات من أشخاص يطلعوا للتضامن مع الثورة بمصر والثورة بتونس ومن وقتها مع أنه الأشخاص ما طلعوا لإسقاط نظام ولا كان في أي شي غير للتضامن، تمّ اعتقال أشخاص كانوا واقفين يعني حتى كان في صمت وما كان في لا نداء ولا مظاهرة ولاشي. طبعاً هديك الفترة قبل المظاهرات كان في اعتقالات شاسعة وناس خايفة، ما تطلع من البيت وكانت الناس تقول امشوا مع بعض ما تمشوا لحالكن وبلّشت الحواجز تظهر بسوريا. وهون الحواجز كانت شي إضافي يعني ارتباط الحواجز بالإعتقال بسوريا هوي ارتباط بذكّرك بالإحتلال الإستعماري الإستيطاني بفلسطين. أنا كشخص عشت بسوريا هديك الفترة ما شفت حواجز إلّا من وقت ما مات حافظ الأسد، أنا هَي أول مرّة بتذكّر بالـ2000 غصب عنّك بدّك تسكّر وبدّك تكون بحداد ووقتها بلّشت شوف الحواجز بسوريا، وتاني مرّة بشوف الحواجز بسوريا كان بردّ النظام على ما بدّي قول الحراك والمظاهرات، ولكن الردّ على دعوات للتظاهر بسوريا يعني كنّا عم ندعي ولسّه عم نطلع ونحكي على الإنترنت وبلّشت الحواجز والإعتقالات.

بالنسبة الي بفكّر بالإعتقال إنّه هوي اعتباطي بعد 2011 وقبل كان اعتباطي بس بعد 2011 فعلاً يعني إمشي عالحاجز أو تمرقي الحاجز بياخدوكي من الشغل. نحنا اعتُقلنا من الشغل وبتذكّر الأشخاص يللي اشتغلت معهن من 2011-2012 بقول أنه قديش خسر هاد الحراك من أشخاص هنّي لليوم بالسجن وما منعرف عنهن شي، فا الإعتقال بعد 2011 هوي دمّر الحراك وأخد الأشخاص يللي هنّي كانوا الأوائل، يعني حقيقة، رائدين بشغلهن وتنظيمهن وارتباطهن بمجتمعهن وبحكيهن، وخسر الحراك كتير من ورا الإعتقال بسوريا بعد 2011.

 

زهور: هلق ببداية الثورة السورية لسّه النظام كان ماسك حجّة "الإرهاب" وأنّه هدول الناس يلي عم تتظاهر "أصلاً مانن سوريين وجايين من برا"، مش شي جديد يعني مبارك عمل نفس الشي وابن علي والقذافي وكل الحكّام يللي بانيين سرديات أنهن ضدّ التدخّل الخارجي، بس تمسّك النظام بهَي الحجّة أدّى لكتير تعديلات قانونية مستمرّة لليوم متل محاكم الإرهاب.

 

رزان: النظام بسوريا وهَي نقطة كتير أساسية لأن النظام باني سرديته أنّه هوي ما بس مع فلسطين وأنّه هوي مقاوم وضد الإمبريالية وضد إسرائيل ولكن عم يستخدم كمان سردية الإرهاب يعني هَي شغلة كمان ينحكى عنها أنه كيف الأنظمة الإستبدادية بيسمّوها "البوست كولونيال" أو ما بعد الإستعمار كيف اتعلّمت من الغرب مع أنه هي عم تحارب الغرب. يعني محكمة الإرهاب بسوريا تأسست بـ2011 بمرسوم رئاسي وصار كتير في تعديلات عليها ويمكن أعاد تشكيلها بالـ2017 وبعدين صار في إضافات عليها بمراسيم بالـ2018 وبعدين بالـ2020.

 

زهور: ماهينور في شي صار مشابه مع السيسي بطريقة استخدامه لقوانين التظاهر وعلى ما أظن هالشي صار مباشرةً بعد مذبحة رابعة العدوية.

 

ماهينور: السيسي لما جا بعد مدبحة كبيرة عملها كان عايز يبتدي يأسس لفكرة إنه دي مش حاجة استثنائية ولكن في طرق أخرى لدبح الشعب ومش محتاجة سلاح وأنّه طبعاً مش هيبقى طبيعي ومقبول لدولة زي مصر، اللي بتختلف بوضعها الدولي عن سوريا، وليها حلفاء في الغرب والشرق أنه تبقى بتتعامل بفكرة السلاح والدم. وجودك كجزء من النظام العالمي بيتطلّب طرق أكثر ذكاءً إنك زيّ ما منقول إزّاي تـ sugar coat ازاي نغطي السلطاوية دي بالقوانين.

مصر عندها ترسانة قوانين كبيرة جداً من قبل الثورة وعندنا إرث قانوني مش قليل إطلاقاً والقانون قَدّ إيه ساحة معركة الدولة حاولت تجرّ فيها الثورة بحيث إنها هي اللي ليها في الآخر اليد العليا وفي عدد كبير مننا انجرف لفكرة المعارك القانونية وطبعاً أشهرها معركة تيران وصنافير وطبعاً الجزيرتين المصريتين هي معركة كانت بالأساس في المحاكم. برأيي ده الشيء اللي كان متاح ساعتها ولكن كان محتاج تحرّكات متجذّرة أكتر مش بس تبقى المعركة وكأنها معركة قانونية، لأن إحنا عارفين كويس أنه القانون بيد السلطة وهي اللي بتحدد شكله وطبيعته فا الحقيقة أول لما جا السيسي عمل مجموعة من القوانين، إحنا كان عندنا قانون بيتمّ معاقبتنا بيه يعني أنا من الناس تمّ الحكم عليّا بيه في وقت اللي هوَّ قانون التجمهر اللي من أيام الاحتلال الإنجليزي وكان معمول بيه لغاية ما بعد الثورة نص 2013 تقريباً. بعدين في 2013 هوَّ قرر علشان يعلن فكرة "الدولة الجديدة" أنه يعمل قانون التظاهر اللي فيه عدد كبير من النشطاء تمّ محاكمتهم بيه والحكم عليه، توسع باستخدام المحكمة العسكرية والحقيقة ده كان من بعد 2011 بعد الثورة على طول على يد المجلس الأعلى العسكري ولكن برضه في وقت السيسي توسع فيه. وعندنا مجموعات من الناس مثلاً إسماعيل اسكندراني هوَّ باحث في الشأن السيناوي ولكن واحد زي إسماعيل قدّ إيه ممكن يبقى خطر على الدولة لأنه هوَّ شخص أكاديمي ومحايد فا بيقول إنّه في إرهاب في سينا وفي مجموعات إرهابية ولكن من ناحية تانية في إرهاب وقتل مدنيين من الدولة، وهوَّ من اللي حذّروا عن هشام عشماوي اللي هوَّ إرهابي كان ضابط في الجيش المصري وتحوّل لواحد من قادة المجموعات المتطرفة. 

ولكن ده جزء من فكرة قدّ إيه إنك بتفضح نظام مستفيد بالأساس من الإرهاب ومستفيد على حاجتين، على أنه يقمع المجتمع عن طريق القانون زي قانون الإرهاب اللي اتعمل بـ2015 وعن طريق أنه طول الوقت بيستجدي مساعدات خارجية ودعم دولي ومحاولة لإخراس أي محاولات تضامن ممكن تحصل بالقانون وخاصة بالنقابات العمالية. وأصلاً مابقاش عندنا أي نوع من الإستقلالية في النقابات العمالية، القوانين الخاصة بالإعلام والنشر وطبعاً ده خلّا عدد كبير جداً يتم السيطرة على مواقع وعلى أصوات كتيرة يعني وبالآخر استخدام محكمة زي المحكمة الاقتصادية في محاولة إخراس أي صوت. وهنا مش بتكلّم بس عن السياسي، بتكلّم عن محاولات الناس إنها تخرج برّا الاقتصاد الرسمي. يعني عدد كبير من المصريين، برضه بلد فيها 105 مليون مواطن، مع التطوّر التكنلوجي بقى في مجموعات من الشباب بتفكّر بفكرة استخدام حاجات زي الـ"تيك توك" للربح، فا الدولة المصرية اللي بالأساس بتشتغل كمقاول اتضايقت جداً من فكرة أنه هي مش قادرة تحطّ ضوابط وتاخد ضرايب وتكسب من ورا الناس دي، فا قررت تحبس ناس. أول مجموعة ضحّت بيهم همَّ مجموعة من الفتيات، علشان يبقى في كمان مبرّر للمجتمع وهوَّ "الحفاظ على الأخلاق العامّة والتقاليد" وده برضه بقا سلاح جديد بيد الدولة. فا نظام السيسي بيحاول يلعب لعبته الخاصة بفكرة أنه أنا مش إسلامي بس أنا إسلامي، أنا مش رجعي بس أنا رجعي، أنا مش حا إدّي مساحة أنه يتم الطعن فيّا عن طريق مثلاً أنه أنا مش متديّن كفاية وما إلى ذلك وبنفس الوقت أنا هابقى المتحدّث الوحيد باسم الدين. هوس السيسي بإصدار القوانين كأنه بيرفع علم للغرب أنه إحنا دولة حديثة إحنا مش قمعيين ومش زي سوريا وزي بشار الأسد، إحنا في اعتقالات وإخفاء قسري ولكن كلّه في إطار القانون واحنا راس الحربة الأساسية في مواجهة الإرهاب.

 

زهور: في إختلاف واسع وتوسع كبير بالفئات اللي تأثّرت بالإعتقال التعسفي والإخفاء القسري أكيد، هل أدّى هيدا الشي لبناء أي نوع من النضال والتضامن المشترك العابر للتوقعات والأيدلوجيات بين فئات مجتمعية مختلفة بسبب تعرّض كتير ناس للإعتقال؟

 

رزان: مابعرف إذا في بيت واحد بسوريا مافي معتقلين، يعني لهالدرجة صار وحتى كان قبل 2011 وزاد بعدها بس هاد إحساسي أنه شوي تغيّر الوعي على موضوع أهمية التنظيم مع الأشخاص المسجونين وأهمية التنظيم حول الإعتقال.

كنّا نحنا مشاركين بالشام عالأقل وأكيد كان في مناطق تانية من سوريا كان في حراك، يعني أنا من الأشخاص يلي طلعت من السجن ولمّا طلعت من أول مرة كان هدفي بس اشتغل مع الأشخاص اللي جوّا. يعني ما إقدر إتخيّل كفّي حياتي والأشخاص جوّا. 

كان جزء كبير من نشاطي من بعد ما طلعت أول مرة ونظّمنا حالنا كلّنا يلّي كنّا مسرّحين من السجن والإعتقال نظّمنا حالنا مشان نضلّ عم نشتغل جوّا، فا عملنا كتير رحلات لجوّا وكنّا نزبّط، مثلاً، ما عنّا سيارة فنحكي حدا يكون معه سيارة يعني كنّا نشكّل فريق من الخبرات مثلاً في حدا بيسوق وعنده سيارة وفي حدا بيتواصل مع أشخاص بالقضاء وحدا بيتواصل مع المحامي وحدا بيحاول يتواصل مع جهة متل منظمة حقوقية تقدر تعطي مصاري للمساجين ونحنا منحاول كمان نزور السجون… 

كان في كتير حراك منظّم وكان في تأييد لفكرة التضامن مع المعتقلين. الناس اللي كانوا عالأرض عم يشتغلوا مع الأشخاص يللي بالسجن سواء كانوا سياسيين أو غير سياسيين، الأشخاص يللي ما عندن محامين، يعني كان في منظمات محامين لليوم بتذكّرن بس دورهن كان كتير مهمّ من الدفاع عن أشخاص ما كان عندهن محامين. بعتقد اليوم كتار من المحامين معتقلين وكتير خفّ هاد الشغل وخصوصاً هلق بالأوضاع الاقتصادية السيئة يلي عم تعيشها سوريا اليوم، يعني الموارد الشحيحة والعقوبات على سوريا كمان وكل هَي التفاصيل لأنه ممنوع الواحد يفوّت مصاري على سوريا وممنوع من الطرفين، من النظام ومن الإشكالية بنقل المصاري. بعد 2011، لأنه الإعتقال طال الناس يللي عم تتظاهر والناس يللي حمتهن وعائلاتهن، أنا بسمّي يللي عم يصير بسوريا بعد 2011 بارانويا.

 

زهور: وماهينور من ناحية التغيّرات الي صارت بخصوص الاعتقالات بعد 2011 ممكن تحكيلنا شوي؟

 

ماهينور: الوضع في مصر مختلف شوية يعني إذا كان بسوريا الحصار طايل الكلّ طايل النظام والمواطنين والمجموعات الحقوقية، الوضع بمصر كان مختلف شوية وخلّى في لبس ما بين الحقوقي والسياسي والثوري وخلّى مجموعات ممن يطلقوا على أنفسهم حقوقيين، في الأول والآخر مرتبطين بمصالح وأجندات دول أخرى سواء الدول دي في اللحظة دي عندها موقف مع مثلاً الإسلاميين فا حيبقوا متضامنين ضد الإسلامين أو مش حيبقوا متضامنين أو ما إلى ذلك. طبعاً في مجموعات بتفصل السياسي عن الحقوقي وبتتعامل بطريقة أكتر مكيافيلية يعني انهن مفيش مبادئ عليا ولو أي حدّ قدر ليه الوصول للسطة فا لازم يغتنمها وده اللي الإخوان المسلمين عملوه. لذلك همَّ خسروا كتير يعني قفلوا المساحة يعني همَّ كانوا بديل لنظام مبارك بنفس الآليات ولكن بتجارب جاية كمان من فترات قمع طويلة ومن خلفية محافظة أكتر فا كان في محاولات لإخراس مجموعات المعارضة الأخرى ومحاولة السيطرة على الدولة. ولكن لما حصل انقلاب في يوليو 2013 دي كانت الطامة الكبرى أنه بقى أولاً النظام العسكري جاي ببدلته يعني السلطة الي جت بالمدبحة جت بعد ما خلصت المدبحة قررت توسع دائرة الإعتقال لأنه هي اتعلّمت من تجربة مبارك إنها مش حتسيب مساحة أو هامش صغير للحركة أياً ما يكون فا حقمع كل التحركات. فا بدأت بالإسلاميين والإخوان المسلمين كان بوقتها جزء منهم الحقيقة ما ساعدش بالكسب الشعبي بسبب خطابات جزء منها كمان طائفي ولكن انتهى بيهم فا في مجموعة الشباب اليساريين وبعدين الليبراليين وبعد ذلك بقى في أي مواطن بيطالب مع حزمة القرارات الاقتصادية بقت حاجة طايلة كل المواطنين، خلّصنا المواطنين بقينا أنه بيتقبض على شباب بيعملوا فيديوهات على الـ"تيك توك" بيغنّوا، وبقى في ناس بيعملوا فيديوهات كوميدية على الـ"تيك توك" فا وضعهم على أنهم إرهابيين… وده خلّى أغلب البيوت المصرية وكل الطبقات المختلفة طايلها الإعتقال السياسي. يعني نقدر نقول المكان الوحيد اللي فيه تمثيل كامل للمصرين هوَّ السجن، فيه رجال أعمال وعمّال فيه سيّدات ورجال وفيه إسلاميين ويساريين وليبراليين وملحدين وأناركيين وناس بلا هوية وفي مثليي الجنس وهيتروساكشول وفي كبار وصغيرين ومن الحضَر ومن الريف، فا بقى ده أكبر تجمّع بيمثّل المصريين.

الجزء أنه عدد من الحقوقيين يعني إيماناً منهم باستمرار عملهم ويعني في عدد منهم نسبياً مقرّب من الدولة وبيحاول يفرّق ما بين أنواع الاعتقال وأسباب الإعتقال ومن الناحية الأخرى بقى في خوف كبير في الشارع وعدد من الخارجين من السجن بيبقوا خايفين طول الوقت لأنه بيحسوا أنهم طول الوقت معرّضين للإعتقال، دي حاجة بقت متكررة أنه الأشخاص بيتمّ اعتقالهم عدّة مرات حتى لو مالهمش أي نشاط بس لوجود ملف ليهم في أمن الدولة. ومن الناحية الأخرى أنا فاكرة أول مرة اتقبض عليَّ في 2008 فا أنا فاكرة جدّتي الله يرحمها كانت بتقولي "إوعي تقولي إنه اتقبض عليكي عشان إسم العيلة"، يعني وكأنّه فكرة الوصم المجتمعي للسجن أياً ما يكون، في الوقت ده مكنش معروف فكرة الإعتقال السياسي كمان فا بالنسبالها حيبقى مقبوض عليّ يعني أكيد إنسانة مجرمة. 

دلوقت الناس كلّها في مجتمع فعلاً بديل خاص بكل الخارجين من السجن يعني عندك علاقات كاملة قايمة ما بين ناس خارجين من السجن، يعني بتروح السوبرماركت بتلاقي اللي بيبيع كان مسجون وبتروح صيدلية بتلاقي الصيدلي كان مسجون ودي حاجة بتحصل معايا بشكل متكرر مثلاً أركب تاكسي ألاقي حد بيقولي شفتك في المحكمة أو فلان يقولي أنا أخويا… أو حد يسمع بتكلّم في التلفون وإنه أنا محامية فا يبتدي يسأل على الإعتقال فا بقى في حاجة أساسية في الحياة اليومية المصرية. 

أنا عندي قناعة أنه مفيش شيء بيستمر للأبد واللي بنتخيّل أنه سلاح في إيد السلطة هوَّ ممكن يبقى سلاح ضدها وفكرة التجربة المشتركة للمساجين اللي كانت بتتكلم رزان عليها أنه يبقى عندك تجربة مشتركة وعلاقات مكنتش حتتبني لولا القمع الكبير الي قامت بيه الدولة.

 

زهور: هل توسعت دائرة التضامن من 2011 لهلق؟ يعني خاصة إنو صار في نوع من الإجماع تقريباً بأوساط كتير أنه التعذيب والإعتقال أداة وحشية مهما اختلفت توجهات الناس السياسية يلي بتتعرضلها؟

 

ماهينور: أحبّ أتكلّم على وضعي أنا من الناس اللي بشوف نفسي من المخطئين في هذا الموضوع لأنه أنا حصلت على تضامن كبير يمكن آلاف ما حصلوش عليه بسبب فكرة أنه ده الشكل المفضّل للغرب، بنت بشعرها عندها أفكار تحرّرية شوية ولكن أنا مش عايزة أتكلم عن المناضلة بالمسائل الدولية أنا عايزة أتكلم داخلياً. أنه أنا كسبت دعم داخلي نسبياً من مجموعات من المجتمع المصري لأنه من ناحية تانية مش typical الشخص المحجّب المتديّن ولكن أبدو للناس مش شخص خارق للتقاليد أو الأعراف المجتمعية. يعني الناس بتقرّر تتضامن معاك على حسب البروفايل بتاعك والحقيقة التضامن اللي برا لأن ده fits profile الفتاة التقدّمية الي بشعرها وحصلت برضه على مجموعة من التضامن الداخلي بسبب أني أبدو كفتاة شكلي مش خارج عن التقاليد بالنسبة للناس.

فا الناس بتقرر تسحب تضامنها منك لما بتقول آرائك كاملة، برايي في الأول مكنش بوعي يعني إطلاقاً مكناش عاملينه بوعي وكنّا منجرفين لفكرة الحركة في الشارع وكان خطابنا محدود زي بالزبط رد لخطاب الدولة ولكن في لحظات الهزيمة اللي بنمرّ بيها بقا متاح لينا نـreflect احنا إيه المؤمنين بيه بالزبط ونبتدي نتكلم عليه فا بدأ يقلّ التضامن بوقت ما لما تعلن إنك شخص مؤمن بحقوق المثلية الجنسية أو العابرين جنسياً أو مؤمن بشكل واضح بالحقوق الدينية كلها. 

ده خلّاني أفكّر أنه الثورات بتبتدي حركة كبيرة جداً بمطالب صغيرة إسقاط رأس النظام أو إسقاط فرد أو ما إلى ذلك وهي أتفه حاجة في الثورات ولكن لما فيه حالة الحصار بتبتدي الطلبات الكبيرة والحقيقية تظهر اللي هيَّ الخاصة بكل شخص صورة المجتمع اللي هوَّ مؤمن بيه.

 

رزان: أنا قابلت شخص بالسجن شخص من درعا هي امرأة صيدلانية أو كانت تشتغل بصيدلية اتهمها النظام انها عم تهرّب سلاح لـ"الجيش الحر" بدرعا وحطها بالسجن وبمحكمة الإرهاب، يعني منرجع للهرمية. أنا شخص معروف مثلاً أنه صارتلي حملة وصار في أشخاص يكتبه عني لأني مدوّنة وبكتب بالإنكليزي وفي أشخاص عرفوا عني بالإنكليزي فا عملوا حملة كبيرة، يعني كل هالتفاصيل بتارجيكي لأنه أنا شخص غير محجّب وعندي مدونّة وبكتب عن قضايا كويرية وعلى التحرش وهَي التفاصيل فا كتير كنت نموذج للغرب أو خليني قول لما الإعلام الغربي حكى عنّي وتعاطف معي. كمان أنه النظام ماشافني خطرة كفاية وهَي تجربتي أنا ما عم إحكي تجربة معمّم عليها وأنه هيك النظام بيتعامل ككل، وهاد شي غير صحيح لأنه إذا بدنا نحكي عن مدونين آخرين كمان أشخاص غير محجبين لساتن مختفيين فا منّو انو نموذج الواحد يحكي عنه ولكن هاد كان بالنسبة إلي أنا ولبعض الأشخاص كان عامل حتى ما كون بمحكمة الإرهاب وآخرين تانيين كانوا مشمولين بهَي المحكمة والموضوع أنه مين بينحكى عنه ومين ما بينحكى عنه ومين هنن المعتقلين يلي مامنحكي عنهن؟

لما بكون في حملة كبيرة على معتقلة بالذات سواء كانت فيم أو مرا بصير في تنمّر عليها لأن صار عليها هَي الحملة ولكن بيتمّ التحجّج أنه في معتقلين آخرين ما عم نحكي عنهن، ليش ما عم تحكوا عنهن؟ وهَي التفاصيل بس هاد الحكي ما بصير لما بكون طبعاً المعتقل اللي عم ينحكى عنه بياخد من الحديث ومن الشأن العام وبيكون هوي شبّ أو رجل. أحد الفئات يللي ما منحكي عنها هوي بيتأثر فيها طبقياً وبيتأثر فيها أشخاص بعيدين عن الموارد والشبكات يعني الأشخاص يللي منعرفهن منحكي عنهن والأشخاص يللي ما منعرفهن وبعاد عنّا ما منحكي عنهن. لذلك الشغل عالأرض كتير أساسي لبناء هَي التحالفات وهوي كتير صعب ينشغل من المنفى إلا عن طريق دعم الأشخاص يلي عم يشتغلوا عالأرض. الأشخاص بالمعارضة ويلي رفضوا يطلعوا برات سوريا وأصرّوا يشتغلوا وهني لساتن بسوريا اضطروا أنه يفاوضوا أكتر على قديش فيهن يكونوا راديكاليين، الناس على الأرض ما عنّا الإمتياز أنه يكون خطابها كتير عالي وهي تحت عين النظام وتحت عين المخابرات والحواجز والأمن وعسكرة الأمن يلي صارت بعد الحراك.

 

ماهينور: فكرة حصر الإعتقال السياسي في أسامي بعينها والواحد بيتّهم نفسه أنه في أوقات بيحصر إعلان أسامي للتضامن وتخيله يعني حد زي علاء عبد الفتاح فا احنا بنتكلّم عن مجموعات من شباب اليسار ولو احنا بنتكلّم عن (أحمد) دومة فا احنا بنتكلم عن الشباب الثوري الي مكنش ليه توجّه معيّن ولو اتكلمنا عن عائشة الشاطر فا احنا بنتكلّم عن السيدات الإسلاميات… ولكن ده بيدّي أداة في إيد الدولة أنها وكأنه في عدد أقل من المعتقلين السياسيين.

صديقتنا الله يرحمها سارة حجازي لأننا كنا موجودين في السجن في لحظة واحدة وإحنا على المستوى السياسي مصنّفين نفس التصنيف ولكن سارة اتعرّضت لتحرش كبير من السجينات في القسم ولما قرروا ينقلوها السجن قرروا يعزلوها عن بقية السجينات وكأنه في وصمة، مع أنه المثلية في السجن مش حاجة مش معروفة أو موجودة ولكن إنك تبقى شخص سياسي بمثلية ده كان بالنسبالهم شكل من أشكال مضاعفة العقاب. ولكن دخولها السجن فتح ملف مهم وكبير جداً عن حركة المثلية الجنسية في مصر، كمان التوسع في القبض خلّى إنه يتفتح حاجة زي فكرة العبور الجنسي يعني ملك الكاشف وضعت في سجن رجال لأنه كان في مشكلة في أوراقها يعني خلّت الناس تشوف الموضوع بشكل مختلف أو حسام أحمد اللي مكنش خلّص ورقه كفتاة فا بقى في حجز للسيدات فترة.

المكسب الحقيقي بالنسبالي في الثورات هوَّ تطوّر الوعي. أنا بتذكّر بدأت كوحدة ماعندهاش موقف ضد عقوبة الإعدام ولكن الإحتكاك الأكتر في منظومة السجون كان البداية، وبعدين السجن كمؤسسة تكرس لفكرة الطبقية والفكرة الأساسية الخاصة بفكرة إنك تشرحي للناس أنه السجن مش مؤسسة معمولة لعقاب المخطئ ولكن هي مؤسسة معمولة لتكريس فكرة الطبقية أكتر. أنه ازاي تقدري تشوفي أنه الأغنى قادر أنه يفلت من العقاب وأنه لو حتى لأي سبب من الأسباب مثلاً في مواجهة حدّ عنده نفوذ أكتر أو أغنى فا بقى هوَّ اللي في السجن والشخص التاني هوَّ اللي برّا وبالتالي يقدر يتحمل المعيشة في السجن زيّ ما رزان كانت بتقول لأنه إحنا عندنا برضه السجون نفس الوضع مفيش أي شيء إطلاقاً. 

الفكرة انك تضربي فكرة السلطة فكرة الدولة كمؤسسة طبقية وعنصرية عن طرق إنك تبتدي تحلّل أعداد السجون برأيي كان في مشكلة أنه كان في عدد من المعتقلين السياسيين همَّ مؤمنين بفكرة السجن بس مش ليهم، يعني مؤمنين أنه المجتمع لن يستقيم إلا بوجود سجون. 

اللي تعلّمناه أنه مفيش نجاة فردية ومفيش معركة مقدمة على معركة أخرى، في الأول والآخر النظام هوَّ نظام واحد ليه عدّة وجوه فيجب محاربته من جميع وجوهه وده بوقت حيخسّرك تضامن ويخسّرك ناس ولكن مع الوقت حيكسّبك عدد أكبر لأنه حتبقى الشخص المتسق مع أفكارك، أنه الواحد يتسحب لفكرة النموذج المفضّل للتضامن وينسى مبادئه بشكل أساسي أو إنت علشان تكسب تضامن غربي تبقى بتتعامل مع القضية الفلسطينية على إنها حاجة هامشية أو بتتعامل مع العمل مع الاحتلال على أنه قوة ديمقراطية أو عشان تكسب تضامن داخلي إنك متتكلّمش عن قضايا المثلية الجنسية والعبور الجنسي والقضايا النسوية.

 

زهور: كختام للحلقة، منرجع لحديث كنّا عم نعمله قبل ما نبلّش تسجيل ويللي هوي الحركات الإلغائية ومناهضة السجون بالمنطقة وقديش هالأفكار ما أخدت حقّها بالتبلور هل بتحسوا أنه حتى لليوم هي الأفكار لسه ما نضجت وما أخدت إمكانية تنظيم أوسع حتى بعد تعرض ملايين من الناس لعنف منظومة السجون بالمنطقة بشكل أو بآخر يعني إن كان شخصياً أو من خلال تعرض أفراد العائلة أو الأصدقاء لهاد العنف؟

 

رزان: هي فكرة مرتبطة بتاريخ الإستعباد وكتابات الأشخاص يللي كانوا مستعبدين كمان مانه صدفة أبداً، أنه فكرة مناهضة السجون هي مرتبطة بهاد التاريخ وبعتقد هاد أحد أسباب ليش أصلاً مافي حراك لمناهضة السجون وما كنّا منفكّر فيه لأن ماكان في هَي التجربة وهاد بيعكس كمان الإمتياز، العرب الأشخاص يلي هني فاتحي البشرة أو الأشخاص يلي هني قريبين للبياض. يعني نحنا السوريين والفلسطينيين واللبنانيين يلي بالمنطقة هنن أشخاص لما بيسافروا على أوروبا أو أميركا أنه هنن مستفيدين من قربهن للبياض لا بل هني بأميركا هنن قانونياً معتبرين هاد إله تاريخ ليش هاد موجود وهوي تاريخ عنصري يعني السوريين وحتى اللبنانيين كانوا عم يشكّلوا حملات مناصرة لتسجيلهن كبيض بأميركا أول ما بلشت الهجرة على أميركا وهاد لايعني أنه مافي دائماً نشاط ضد السجون وهاد نشاط حقوقي نشاط شعبي نشاط عائلي نشاط شخصي الرفقات الأهل… حقيقة بعتقد ما كان في حراك منظَّر إله ضد السجون يعني مناهضة السجون وإغلاقها ولكن في حراك شعبي وفي حراك قاعدي ضد السجون سواء كان بسوريا أو بالمنطقة وهوي حراك ما بلّش مع الديكتاتوريات أو الثورات يللي ضد الديكتاتوريات يللي عم نشوفها ولكن ضد الإستعمار وضد الاحتلال الفرنسي والبريطاني والإستعمار الصهيوني بفلسطين فا الحراك من وقتها ولا يزال مستمر لليوم.

القاعدية الشعبية الواسعة ضد عنف السجون بالمنطقة، بسوريا هوي مرتبط أكتر صار أنه حملات الحرية وحملات مانها مرتبطة بإغلاق السجن بقدر ما أنه إطلاق سراح فلان وهاد الفلان لازم يكون ثوري ولازم يكون ضد الأسد، يعني في كتير إعتبارات معينة إنو نحنا ليش نطالب بإطلاق سراح فلان أو فلانة. برأيي هَي الإشكالية أنه نحنا منعرف بسوريا أنه السجن ما بس مرتبط بالأشخاص يلي هنن سياسيين بالضرورة أو حكوا ضد النظام بالضرورة، أي شخص بيمشي بالشارع أو أي جار بينكتبله تقرير وأي امرأة جوزها واصل أو حتى أخ يعني أي حدا ممكن يروح بالسجن بسوريا يعني هوي ما بس سياسي هوي ما سياسي بالطريقة الإستقطابية يلي عم ينظرلها اليوم يلي هي بس إلها علاقة بالثورة هي سياسي بمعنى مرتبط بأنه أي حدا مرتبط بالسلطة سواء كان أي موظف أو أي حدا مسؤول هوي بروح عالسجن. ولذلك مامكن نحنا ثورياً يكون المطالبة فقط بإطلاق سراح فلان لأنه كان سياسي. لذلك أنا شخصياً كسجينة سياسية سابقة أنا بحارب فكرة قول عن حالي سجينة سياسية سابقة أنا بطلع من كلمة سياسي وبقول أنا سجينة سابقة، سجينة سابقة ليش؟ لأنه نحنا منعرف شو يعني لما تروحي على أوروبا وبتحكي قدام العالم بتطلعي إنتي اليوم بأي نشاط ما أو حتى بتقدمي على الجامعة أو منحة أو يلي هوي، كتير وقعها مختلف لما بتقولي سجينة سياسية كله بيعملّك إعتبار وإذا بتقولي سجينة كلّه بيخاف منك. 

هَي بتخلق وصمة ما بس للسياسي يلي أصلاً هوي عنده داعم مجتمع سياسي لأله وإذا قدر يوصل على أوروبا أو لبرّا كمان بيعطيه تسهيلات تانية، السجين يلي مانه سياسي هوي عنده وصمة عار وهي عندها كمان قلّة مجتمع داعم وعندها قلّة فرص أنه تقدر تحكي عن حالها وعن تجربتها لأنه أصلاً تجربتها هي مصنّفة غير سياسية معناها هَي المخلوقة أبصر شو عاملة وهاد الزلمة أبصر شو عامل… يعني مثلاً أنا بأميركا بدي استأجر شقة طلبوا مني سجل إذا انتي مسجونة أو لأ، وأنا كسجينة سابقة بسوريا ارتعبت من هاد الجوّ، أنه مالها علاقة أميركا بسوريا أنا ماني معتقلة أو مسجونة بأميركا، أنا خفت لأنه لو كنت أنا مسجونة بأميركا وبدي قدّم استأجر شقة يمكن تتعصلج أموري مابعرف لأيمتى يعني تفاصيل من هاد النوع هي فعلاً بتستهدف. 

مشان هيك منرجع لقصة أنه ليش فكرة مناهضة السجون وإغلاق السجون هي فكرة مرتبطة بالإستعباد وبكراهية السود والسواد لذلك بأميركا لليوم عم يتمّ التنظير لإغلاق السجون كونها تسهدف السواد والسود بحياتهن اليومية بناءً على ولا شي، واحد ممكن يمشي بالشارع يلتقط أو ينقتل الخ. نحنا عنا كتير بالمنطقة ممكن نتعلم من هاد الزخم ومن النظر للسجن بطريقة مختلفة منضطر نطلع شوي من دائرة السياسين والنخبة الثورية والنخب الناشطة حقيقة.

 

ماهينور: مفيش استخدام رشيد للسجن مفيش فكرة أنه الدولة بتتعامل على إنو المخطئ أو المذنب هو فقط من يدخل السجن، أي شخص بيجي حولين فكرة القانون والعقاب مخصص للمذنب فقط بيبان قدّ ايه دي حاجة دعائية وبالنهاية بتنتهي على إنها عقاب للمجتمع ككل وفرض السيطرة.

 

رزان: وهون بدي ارجعلك لقصة هل في حراك مناهض للسجون أو لأ؟ أنا برأيي في كتير ولكن هوي مانه لإغلاق السجن أو بهاد التنظير ولكن مثلاً بدي اذكر تجربة شهدتها بالسجن بحراك عاملات الجنس بالسجن بأول 2012، يلي عن طريقه كانوا بعض السيدات عم بيحاولوا يتواصلوا مع الزباين عن طريق الوحدات (وحدات الهاتف) فا بيحكوا معهن تلفون. هنّي طبعاً هرّبوا تلفونات لجوّا إلهن مصادرهن وإلهن تفاصيل بتعرفي كلشي بيمشي بالرشاوي بالمنطقة وخصوصاً بسوريا، فا مرقولهن كذا تلفون وكانوا الزباين يبعتولها وحدات وهي عن طريق الوحدات فيها تشتغل وتعمل وتبيع وتشتري وتساوي… فا كمان في شبكة من العلاقات المادية كمان بين كذا حدا بالسجن. وفجأةً، أخدوا تلفوناتهن إجت إفسادية وأخدوا تلفوناتهن فا أضربوا النساء. يللي أضربوا صاروا يضربوا على بواب السجن والسجن بابه حديد فا الصدى تبع الحديد والكوريدورات صغيرة وسقفها عالي فا كان الصدى كتير قوي فا يضربوا الحيط بنفس الوقت كذا يوم وماعاد أتذكر كم يوم… بس هاد الإعتصام يلي صار بالسجن من عاملات الجنس يلي هوي خارج إطار الثوري وخارج إطار المحورية الأسدية عند أدبيات الثورة السورية، أنا بالنسبة الي هوي حراك ضد السجن والدولة والسجّان ومانه مرتبط بالثورة. وبالنسبة الي مطالبتي بالإفراج عن عاملات الجنس والجنائيات وكتير في أشخاص هني زوراً معتقلين وهي كتير موجودة يعني وتماماً لأن بتعكس طبيعة هاد النظام هون الثورية بتصير.

 

ماهينور: السجن هوَّ سلاح ذو حدّين بإيد الدولة في اللحظة دي إنها تمنع الناس من الكلام ولكن بتخلق تجربة مشتركة وعين نقدية فا الناس بدأت تشوف إنه في أعداد أكبر من المساجين همَّ مش همَّ المجرمين اللي الناس بتخاف منهم أقل، العدد الأكبر همَّ ضحايا أصلاً للمجتمع والنظام وأنه الأفقر هوَّ اللي بيدخل السجن. ولكن في مجموعة أخرى في عندها حالة من التعالي بالذات السجناء السياسيين همَّ مؤمنين بفكرة السجن وشايفين هوَّ السلاح اللي في أيديهم اللي عايزين يستخدموه ضد السلطة ويستخدموه ضد المجتمع في لحظة ما لمّا يختلفوا معاهم في الآراء أو التوجهات والقناعات. برأيي، بداية فكرة الإلغائية في الوطن العربي مختلفة عن الغرب شوية اللي هوَّ بالأساس في جزء منه عنصري ولكن الفكرة أنه ازاي الناس بنفس اللون ونفس الدين ونفس اللسان وما إلى ذلك يبقوا بيستخدموا الجهاز ده لاستمرار إحكام القبضة على مفاصل الاقتصاد والدولة والمجتمع ككلّ.

 

 

 

 

تمّ انتاج هذه الحلقة بالتعاون مع مؤسّسة هاينريش بُل – مكتب الشرق الأوسط، بيروت.

زهور محمود

كاتبة ومحرّرة ودي جاي مقيمة في برلين. تركّز في عملها على مقاربات نقدية بين الثقافة والتكنولوجيا والسياسة، ودورة حياتهم في العالم الرقمي.

رزان غزاوي

رزان غزاوي: (إنهم/إنها) مدونة/ مدونون فلسطينية-سورية، مُناضلة وناشطة وباحثة، حازت على شهادتها الدكتوراة في مجال دراسات الجندر والجنسانية من جامعة سوسيكس في برايتون. كما أنهم يحملون شهادة الماستر في الجندر والجنسانية والجسد من جامعة ليدس في المملكة المُتحدة وشهادة الماستر في الأدب المُقارن من جامعة البلمند في لبنان. في أُطروحتهم "الأصول التربوية لاحتجاجات الكويريين اليومية: إعادة التفكير في الذاتية السياسية والعنف في سوريا ولبنان 2011-2021"، إنهم يتفكرون في المواجهات اليومية للمثليين والعابرين جنسيًا عند نقاط التفتيش وفي السجون وقضايا لجوئهم التي تزامنت مع سياسات "الحرب على الإرهاب" و"أزمة اللاجئين". رزان يتبوؤون منصب زميل باحث  في  لعام 2022/2023 EUME. رازان سجينة سابقة في سجون النظام السوري كما أنها حائزة على جائزة Frontline Defender عام 2012.

ماهينور المصري

ماهينور المصري: مُحامية مصرية مُدافعة عن حقوق الإنسان، تشتهر لنشاطها وعملها لتعزيز استقلالية القضاء وحقوق السُجناء من خلال تنظيم الاحتجاجات السلمية، ونشر الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وتنظيم الدعم للسُجناء السياسيين على شكل نشاطات تضامنية وجمع التبرعات لكفالة السُجناء. لقد قدمت الدعم ودافعت عن السُجناء حتى عندما كانت هي نفسها سجينة. تضمن نشاط ماهينور طيفاً واسعاً من العمل لأجل حقوق الإنسان. لقد كانت ناشطةً لاتكل ولا تمل لأجل ضحايا العنف السياسي، وغالباً ما أدى تضامنها إلى رفع معنويات المُحتجين. لقد أمضت الليالي الطوال وهي تحرس اللاجئين السوريين في مخافر الشُرطة حرصاً على عدم تعرضهم للتعذيب أو الترحيل، كما عملت للعثور على المفقودين في متاهة الأمن في البلاد، كما دفعت عن المُحتجين خلال الانتفاضة المصرية قبل 12 عاماً.